[size=21]تفرض الظروف المناخية و إلى حد ما الظروف الاجتماعية و الاقتصادية في العديد من الدول العربية على لاعبي كرة القدم، و خاصة الناشئين منهم إجراء التدريبات و المنافسات في ظروف الحرارة المرتفعة. و بما أن ارتفاع درجة حرارة الجو قد يؤدي إلى انخفاض الكفاءة الوظيفية و تدني مستوى الأداء لديهم، بل و حتى إلى حدوث إصابات حرارية، فإنه لابدَ من وضع طرق ملائمة لتطوير المقدرة على الأداء البدني الخاص بمتطلبات المنافسات. لاسيما و أن هذا الجانب لم يرق إلى المستوى المطلوب حيث اقتصرت الدراسات العلمية ذات الصلة على تقديم بعض التوصيات و الإرشادات لعملية التدريب في الجو الحار، و أن ما يستخدم الآن في البلاد العربية من طرق و أساليب لإعداد اللاعبين هي صور طبق الأصل لتلك التي تتَبع في المناطق ذات المناخ المعتدل.
و لما كان الناشئون أكثر تعرضا للحرارة خلال التدريب و المنافسات و أقل استعدادا من الكبار لتحمل الجهد البدني في الجو الحار، فإن الباحثين سعوا من خلال هذا البحث إلى دراسة العوامل التي تؤثر في المقدرة العملية الخاصة (Special Physical Efficiency) بلاعبي كرة القدم و تقديم برنامج تدريبي قصير المدى لتطويرها لدى الناشئين في الجو الحار. و قد حاولوا من خلاله الإسهام في إثراء النظريات و تطوير التطبيقات في مجال الرياضة العربية عموما و في كرة القدم على وجه الخصوص.
و قد تم اعتمادالمنهجالتجريبي بطريقة القياس القبلي و القياس البعدي لدلائل المقدرة العملية الخاصة لدى اللاعبين و دلائل الأداء البدنيو انجاز المهارات أثناء المباريات التي تم إجراؤها قبل البرنامج التدريبي و بعده. كما استخدم الباحثون أسلوب المجموعات المتكافئة لمتابعة التغيرات التي وقعت على مستوى التحركات و المهارات ذات الطابع الفني و الخططي لدى لاعبي الفرق المنافسة (العينة الضابطة) و لاعبي الفريق التجريبي.
و قد اشتمل البحث على إطار نظري حول تأثير الحرارة المرتفعة في الكفاءة الوظيفية لأجهزة الجسم و في مستوى الأداء لدى الرياضي و عن جوانب التكيُف لديهم عند أداء التمارين البدنية في ظروف الجو الحار. كما عمد الباحثون إلى دراساتهم السابقة التي تابعوا خلالها مئات اللاعبين (بمختلف المستويات و الأعمار) لتوضيح طبيعة التأثير الفوري و التراكمي لمختلف أنواع الجهد البدني في سرعة الأداء الفني لمهارات كرة القدم و فعاليته، و ذلك من أجل وضع أسس البرنامج التدريبي و تحديد واجباته بالإضافة إلى تنظيم العمل على تطوير المقدرة على الأداء النوعي لدى اللاعبين في الجو الحار.
و قد تحقق الباحثون من فعالية البرنامج من خلال تجربة ميدانية قاموا أثناءها بإعداد لاعبين ناشئين في ظروف الجو الحار وفق الخطة التدريبية المقترحة. كما أنهم توصلوا في إطار هذا البحث إلىالاستنتاجاتالتالية:
- إنَ تدني المردود البدني و فعالية انجاز المهارات ذات الطابع المهاري و الخططي لدى لاعبي كرة القدم في المباريات التي تتم في ظروف حرارة الجو المرتفعة، يمكن إرجاعه إلى زيادة التكلفة الطاقية لما يقومون به من مهارات و انخفاض المقدَرات الطاقية لدى اللاعبين.
- قد يؤدي الجهد البدني إلى تغييرات إيجابية أو سلبية في مستوى أداء المهارات بالكرة. و ترتبط نوعية التغييرات و حدَتها بمدى تعوُد اللاعبين على أداء المهارات في ضوء تغيرات فسيولوجية معينة (الحالة الفسيولوجية للجسم) و على طبيعة التمارين من ناحية خصوصية الأفعال الحركية التي يتضمنها.
- عند تدريب لاعبي كرة القدم على المهارات بالكرة في ضوء نمط وظيفي معين للأداء (جهد هوائي أو لاهوائي أو جهد هوائي_ لاهوائي)، فإنه لا يحدث عمليا انتقال أثر التدريب للسرعة و الدقة في إنجاز المهارات عند تغيير ظروف الأداء (أي على خلفية جهود يكون خلالها النمط الوظيفي للأداء مغايرا).
- كان للبرنامج التدريبي الذي وضع لتطوير المقدرة العملية الخاصة لدى ناشئي كرة القدم في ظروف الحرارة المرتفعة، الأثر الإيجابي على مستوى جاهزية اللاعبين وعلى نتائجهم في المباريات الرسمية.
في ضوء هذه الاستنتاجات تقدم الباحثون بالتوصيات التالية:
- استخدام البرنامج التدريبي قصير الأمد عند إعداد لاعبي كرة القدم الناشئين الذين يتدربون ويتنافسون في ظروف الجو الحار سواء في فترة الإعداد الخاص أو خلال الفترة الفاصلة بين الدور الأول و الثاني في فترة المنافسات.
- تفعيل الاختبارات التي تم استخدامها في البحث لتقييم مستوى المقدرة على الأداء البدني الخاص بمتطلبات المنافسات و الوقوف على حسن سير عملية التدريب و تصحيحه، لاسيما و أنها تشكل اختبارات ميدانية سهلة التطبيق و لا تتطلب أجهزة و معدات يصعب توفيرها.
- عند البرنامج التدريبي قصير الأمد لتطوير المقدرة العملية الخاصة بلاعبي كرة القدم الناشئين في الجو الحار، ينبغي الاسترشاد بالأسس التالية:
- الاتجاه الرئيسي للعمل على رفع المقدرة العملية الخاصة لدى لاعبي كرة القدم يكمن في تطوير التحمل الموضعي لعضلات (أهم المجاميع العضلية العاملة) الرجلين.
- عند تطوير الصفات البدنية و الإمكانات الوظيفية، يجب مراعاة مبدأ التتابع الموضوعي للجهود (Succession)الذي يقتضي استخدام التمارين وفق تتابع محدد بحيث لا يتعارض الأثر المرجو من استخدام الجهد البدني مع ما يحدثه الجهد الذي سبقه أو الذي سيليه.
- ينبغي أن يتم العمل على تطوير الصفات البدنية و الإمكانات الوظيفية لدى لاعبي كرة القدم بالتوازي مع تحسين الأداء الفني (تكنيك) للمهارات بالكرة و ذلك بهدف تكييف هذا الأخير مع التغيرات الواقعة على مستوى إمكانات الجهاز الحركي و تحقيق انتظام الأداء و انسيابيته و اقتصاديته.
- يجب أن يتم تنظيم التمارين بالكرة بحيث يتمكن اللاعبون من تكرار أداء المهارات بالكرة بأقصى شدة خلال فترات زمنية قصيرة (لا تتعدى 6-8 ثواني).
- استغلال الإمكانات المتاحة لإجراء أجزاء من الوحدات التدريبية (مثلا عند تطوير التحمل الموضعي لعضلات الرجل) في القاعات المغطاة و المجهزة بمكيفات للهواء.
[/size]
